
سرّ المهنة… أمانة يجب نقلها
في عالم تتسارع فيه المعرفة وتتطور فيه المهارات، لم يعد مقبولاً أن يُحتكر العلم أو تُكتم الخبرة تحت مسمّى “سرّ المهنة”. إنّ الأصل في كل مهنة هو التعليم والإتقان، ولا يكون ذلك إلا حين يلتزم أصحاب المهن برسالتهم الأخلاقية في نقل المعرفة، والإسهام في بناء جيل جديد من المتقنين والمتميزين.
لطالما استُخدمت عبارة “سرّ المهنة” كمبرر لعدم تعليم الآخرين، وكأنّ امتلاك المعلومة ميزة لا ينبغي تقاسمها. لكن الواقع أن حجب أسرار المهنة يعيق التطور، ويمنع التراكم المعرفي، ويُضعف جودة الأداء العام. فالمجتمع لا ينهض إلا حين تُنقل الخبرات، وتُعلَّم التفاصيل، ويُتاح للمتعلمين أن يفهموا كيف تتم الأمور بدقّة، لا مجرد ماذا يفعلون.
المهني الحقيقي لا يخشى مشاركة سرّ مهنته، لأنه يعلم أن التميز لا يتوقف على سر محفوظ، بل على الإبداع، والاتقان، والتطوير المستمر. ومن يؤمن برسالته، لا يتردد في أن يُخرّج من بعده من يتقن ويبدع، بل يفخر بذلك ويعتبره امتدادًا له.
ولهذا فإن المؤسسات التدريبية الجادة، التي تحترم مهنتها، لا تبخل بسرّها. بل تُدرّب بصدق، وتُعلّم بإخلاص، وتنقل أدقّ تفاصيل المهنة للمتدرب، ليخرج وهو يحمل الأمانة كاملة. هذه هي الأخلاق المهنية التي نحتاج إليها في زمن كثرت فيه العناوين وقلّت فيه القيم.
ومن الجميل أن نرى نماذج تعليمية اليوم – مثل أكاديمية السلطان – تتبنّى هذا النهج وتحرص على نقل جميع تفاصيل المهنة وكامل أسرارها إلى المتدربين، دون تحفظ، في كراسات واضحة ودورات عملية صادقة، إيمانًا منها بأن نشر المعرفة هو أساس بناء مجتمع متقن وقادر على الإنتاج والتميّز.