
البقلاوة: حكاية حلا شرقي عبر العصور
من بين جميع الحلويات الشرقية التي اجتازت حدود الجغرافيا وتجاوزت الزمان، تظل البقلاوة أيقونة الطعم الفاخر، وحلوى تختصر تاريخًا من الإبداع في فنون الطهي. تعود جذور البقلاوة إلى الحضارات القديمة في منطقة الشرق الأوسط، وتشير بعض الروايات إلى أن جذورها تمتد إلى الإمبراطورية الآشورية، حيث كانت تُحشى رقائق الخبز بالجوز وتُحلّى بالعسل.
إلا أن الشكل الأقرب للبقلاوة كما نعرفها اليوم، بدأ يتبلور خلال العهد العثماني، وتحديدًا في مطابخ القصر السلطاني في إسطنبول. هناك، تطورت من وصفة بسيطة إلى طبق مترف مكوّن من طبقات متعددة من العجين الرقيق المعروف بـ”اليوفكا”، محشوّ بالمكسرات الفاخرة مثل الفستق الحلبي أو الجوز، ويُسكب فوقها شراب القطر أو العسل.
من قصور السلاطين إلى موائد الشعوب
في البداية، ارتبطت البقلاوة بالاحتفالات والمناسبات الملكية، وكانت تُقدّم للضيوف كدلالة على الكرم والضيافة. ومع مرور الزمن، انتشرت في مختلف أنحاء العالم العربي والبلقان وآسيا الوسطى، وتحوّلت من حلوى سلطانية إلى جزء أصيل من الذاكرة الشعبية والموائد العائلية.
كل منطقة أضافت لمستها الخاصة، ففي سوريا ولبنان نجد البقلاوة بالفستق أو الكاجو، وفي تركيا يتميّز صنف “غازي عنتاب” بالفستق الأخضر الغني، بينما تفضّل بعض دول الخليج استخدام المكسرات المحلية ونكهات مثل ماء الورد أو الزعفران.
البقلاوة اليوم: فن وتقليد وهوية
رغم الحداثة ودخول الآلات في الصناعة، إلا أن البقلاوة ما زالت في نظر الكثيرين فنًا يدويًا دقيقًا، حيث يتفاخر الحرفيون بعدد طبقات العجين التي قد تصل إلى أكثر من 40 طبقة رقيقة! كما أصبحت البقلاوة جزءًا من الهدايا الفاخرة في الأعياد والمناسبات، بل وصارت رمزًا ثقافيًا يُعبّر عن الأصالة.
في النهاية، تظل البقلاوة أكثر من مجرد حلوى؛ إنها قصة تاريخ، وتراث مشترك، ومذاق لا يُنسى
Tag:BAKLAVA, بقلاوة تركية, بقلاوة سورية